نظّمت جمعية الموحدية للمحافظة على التراث التاريخي والثقافي في مدينة ندرومة الجزائرية، ندوة فكرية حول موضوع "الحايك والجلابة" كألبسة تقليدية من الضروري الحفاظ عليها.
الندوة أقامها أساتذة جامعيون في إطار التظاهرات الثقافية المتنوعة التي تنظّمها الجمعية لإحياء "شهر التراث"، وهدفها التعريف بالحايك كظاهرة اجتماعية، والتعريف بتاريخ استعمال النساء له للسترة والزينة في آن واحد. فالحايك هو زيّ تقليديّ جزائريّ ترتديه المرأة وتتميّز به كلّ منطقة جزائرية عن الأخرى، بنوعيته أو بطريقة ارتدائه.
الندوة شارك فيها خبراء تحدّثوا عن تاريخه وأنواعه وناقشوا سبل إحيائه. إذ تختلف تقليعات الحايك وألوانه بحسب المناسبة التي ترتديه المرأة من أجلها. وقد ناقش المجتمعون كيفية المحافظة على صناعته تقليدياً قبل البحث عن سبل المحافظة على نقله إلى الجيل الجديد. وهو الذي يعبّر عن عادات المجتمع الجزائري، لكنّه يتّجه حالياً نحو الاختفاء بسبب الغزو الاستهلاكي لأنماط جديدة من الأزياء العصرية.
إحدى المداخلات ذكّرت أنّ "الملايا" أو العباءة التي ترتديها المرأة في ولايات الشرق الجزائري، خصوصاً في ولايات قسنطينة وميلة وسكيكدة وعنابة، ترتبط بالذاكرة الشعبية للجزائريين. وقد كانت العروس الجزائرية لا تخرج من بيت أهلها لتزفّ إلى بيت زوجها إلا بهذا اللباس التراثي التاريخي، الّذي كان أيضا جزءاً لا غنى عنه من يومياتها، يتنوّع بحسب المناسبات وتتحكم في تصميمه ونوعية قماشه المنزلة المالية والاجتماعية للمرأة.
يلبس الحايك، وهو ثوب غير مُخيّط، في الوسط الجزائري، أي في العاصمة ونواحيها، وفي الغرب الجزائري يُدعى "الكساء" أو "الكسا"، لأنّ الجزائريين يحذفون الهمزة في لهجتهم المحلية.
وللحايك أنواع أشهرها: "حايك المرمى''، وكان سائدا في العاصمة، منذ القرن 16، مصنوع من الحرير المزيّن بخيوط الذهب والفضّة. غير أنّه كان محصوراً للعائلات الميسورة، وبات اليوم جزءاً من "التراث" فقط.
وهناك "الحايك الأسود"، المعروف في الشرق الجزائري بـ"الملاية"، ينتشر في منطقة قسنطينة، وهو لباس نساء الأندلس، وا
نتقل إلى شمال إفريقيا مع قدوم اللاجئين الأندلسيين. ويقال إنّ لونه الأسود تعبير عن الحزن. وانتشر أكثر في المدن المجاورة لسطيف كالعلمة، بعد "مجازر8 مايو / أيّار 1945" على يد الاستعمار الفرنسي، تعبيراً عن الحزن الكبير الذي ألمّ بالجزائريين.
أما في الغرب، كما في تلمسان، فيعرف باسم "العشعاشي". ويتميّز بالتطاريز الصفراء. وفي وهران كان الحايك مشهورا بـ"بو عوينة" و''القشابة'' أو "القشابية"، وهو مصنوع من الوبر والصوف. ويفضّل أبناء الريف الجزائري ارتداءه و التفاخر به لجماله وفعاليته في مقاومة البرد القارس، إذ تصل درجة الحرارة في الهضاب العليا إلى ما دون الصفر بالشتاء.
ومنذ الثمانينيات من القرن الماضي، ومع المتغيّرات السياسة والاقتصادية والاجتماعية بدأ الحايك في الاختفاء شيئاً فشيئاً، لكنّه ظلّ قطعة مهمة وأساسية في جهاز العروس لخروجها به من بيت أبيها. وتحوّل إلى صورة جميلة بقيّت عالقة في الأذهان وارتبطت بالحنين إلى ذلك الزمن، وأكثر ما ينتشر في الصور التذكارية التي تباع هنا وهناك.
وجرت محاولات لإحياء ذكراه مؤخّراً منها تلك المبادرة التي قامت بها مجموعة طالبات جامعيات، عبر مسيرة جبنَ بها شوارع العاصمة وهنّ يرتدين الحايك.
تعليقات
إرسال تعليق